الوعي · الأمومة

أنتِ والجميع ضدكِ

يصيب مريم الكثير من الخوف والقلق عندما تضطر لإلقاء محاضرة أمام زملائها وزميلاتها بالعمل.. وتعيش الكثير من الندم عندما ترى أنها لم تحسن الرد المناسب وقتما يؤذيها كلام أقربائها في التجمعات العائلية.. وتشعر بالكثير من الإحباط عندما يعلق الجميع على شقاوة ابنها بينما يمتدحون أبناء أختها..وبسبب معاناتها مع محاولة إنزال وزنها, فترى أن أكبر مخاوفها هو ملاحظة الناس حولها لجسدها والأسوء التعليق عليه.

في الكثير من الأحيان تصبح أكبر مخاوفنا هي مخاوف صغيرة تصيبنا بشكل يومي..تتكرر أكثر من مرة بكل يوم يمر علينا.. تعطل حماسنا عند محاولة الإقدام على خطوة جديدة,وتحبطنا عند محاولتنا لإنجاز ما نتمنى إنجازه. فحياتنا تصبح جهاد يومي نسعى لتخطيه بأقل خسارة ممكنة.

لا أحد ينكر أننا نضطر في الكثير من الأحيان إلى التعايش مع أشخاص لا يعطوننا الفرصة لنكون نحن.. ولا يرضون لأنفسهم بأن يتقبلوننا بالوجه الذي نحن عليه.وفي الكثير من الأحيان وحتى الأفراد الذين يمرون على حياتنا مرورا عابراً يفرضون علينا لحظات مزعجة تخاطب ضعفنا وهشاشتنا بشكل مباشر.. متطلبات الأفراد والمجتمع حولنا لا تنتهي ولن تنتهي إلى أخر رمق نعيشه.

هل هي نظرة الآخر أم نظرتنا نحن نحو أنفسنا؟

مريم تفقد ذاتها بشكل يومي..تطغى السلبية في ما تراه بذاتها على كل ما هو إيجابي..وتسيطر المشاعر المؤلمة والمزعجة التي تأتيها من كل نظرة وتعليق سلبي على مسار يومها كله. تحترق في داخلها وتنسى أنها بيوم من الأيام رأت نفسها لطيفة بشوشة محبة للحياة وطموحة لإنجاز أحلامها الصغيرة. وأنها آمنت أنها تستحق كل ذلك.
تركز مريم في كل مرة على أن يصبح غدها أفضل من يومها.. وذلك جيد جدا بالحقيقة,, لكنها تنسى تماما الإستمتاع بيومها ذلك. لأنه بدا لها جهادا للبقاء على قيد السعادة والتماسك.. ولكن السعادة بدا بعيد المنال في ذلك اليوم.. فتنام على أمل أن يصبح غدها أفضل, لكن تنصدم أن كل أيامها متشابهة بالأخير…

 

تنسى مريم أن تحتفل بنفسها..لكن كيف تحتفل بنفسها وهي تحمل هذا الكم الهائل مما تعافه عن نفسها..فهي لا تحب شكل جسدها.. ولا  تحب فشلها في مجاراة الكلمات الموجهة لها,,ولا تود تذكر أنها ليست زوجة أو ابنة أو أم مميزة بشكل كافٍ. وتنام على تأنيب الضمير وتصحى على أمل بيوم أفضل..لكن شريط حياتها يتكرر ولا شيء يتغير..

أحبي نفسك..

لا تكوني أنتِ والجميع ضدك.. ولا تتوقعي أنه عندما يرضى الجميع عنك سترضين عن نفسك, فمن ينكر أن تصالحنا مع ذواتنا هو أهم ما يمكن أن نهديه لأنفسنا. لا ترسمي صورة نمطية لما عليه أن تكوني عليه الآن. فلا تعتمدي على شخص آخر )ربما في الإعلام أو العائلة أو حلقة الأصدقاء الخ( ليحدد لك كيف تصبحين ..وكوني ممتنة أنك ما أنت عليه الآن وأنك تجاهدين لتخرجي أفضل ما لديك. فقط افعليه لأجل نفسك.. لتنامي كل ليلة وأنتِ تشعرين بالأمتنان.

 

نحن ندور في حلقة مفرغة عندما نصر أنه مهما فعلنا فما زلنا لم نرض أحدا. فبدلا من التفكير بشكل يومي : أنا بدون أدنى أهمية, فما زلت اتعثر وما زلت غير قادرة على إنجاز أي شيء.. يمكن قول: ما الذي يمكن أن أغير لأحصل على نتيجة أفضل, وبالتأكيد علينا أن نربت على أنفسنا ونفخر بها لأننا نسعى للتحسين والتطوير.
يمكن لمريم أن تقول: أنا فخورة بنفسي اليوم.. تمكنت من إلقاء محاضرتي أمام زملائي, ما الذي يمكن أن أغير لتصبح محاضرتي أفضل في المرات القادمة؟
ويمكن أن تقول: أحتاج لأخفف من وزني فقط لأجل صحتي ,,لكنني جميلة جدا فكل ما أنا عليه هو جزء من رحلتي مع الولادة والرضاعة ومحاولة تخطي مراحل مؤلمة من حياتي. أحبني لكل ذلك لأنني استحق أن أحب نفسي.

أحبي نفسك لكي لا تلقي بإسقاطات ألمك على من تحبين..

يتعامل معنا الغير بأسلوب جاف أو سيء لا لشيء إلا لأن بهم من الألم ما بهم.. الفرق الوحيد بينك وبينهم الآن يجب أن يكون: أنكِ وصلتي لمرحلة وعي يمنحك القدرة على التفريق بين كون الخطأ منك أو منهم. وإن كان هناك خطأ صدر منك فذلك مجرد سلوك لا يجوز أن يصنفكِ أنتِ كشخص. فهمتي الآن أن جفاءهم إسقاطات لا ذنب لك بها إلا كونك بالمكان والزمان الخطأ والذي جعلك تستقبلين سيل سلبياتهم.

عصبيتنا المفرطة وكلماتنا الجارحة على من حولنا ما هي إلا مجرد إسقاطات لما نشعر به في أعماقنا فنرمي بثقلها على من أمامنا. ففي مواقفنا اليومية البسيطة مع أولادنا مثلا: لا يوجد ما يستحق هذا الكم من العصبية. ونحن كأفراد لا نستحق أن نقسو لهذه الدرجة على ذواتنا.. من حق نفسكِ عليك أن ترفقي بها.

AXUC5341

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s