أذكر وأنا ما أزال طالبة بالمدرسة “المقصف” والذي كنا نشتري منه وجباتنا المدرسية. كان يبيع لنا البطاطس والعصائر المليئة بالسكريات والمواد الحافظة, وفي أحيان نادرة نجد بالمقصف بعض السندويشات. كنت أخذ معي وجبة المدرسة بالمراحل الدراسية الأولى ولكن كلما كبرت كلما كانت وجبات البيت شيء تخجل منه الطالبات “والطلبة بالتأكيد” , فربما وجبة البيت التي تضعها بشنطتك تعطي انطباعا بأنك ما زلت “طفلا” أو أنك “مدلل“. فلم يكن شيئا رائجا حينها وما يزال.
من بين أحلامي الكثيرة “بل أهدافي إن صح التعبير” أن تتغير هذه النظرة. فيصبح وجود وجبة صنعت بالمنزل في شنطة مراهق بالصف العاشر مثلا أو طفلا بالروضة شيئاً يدعو للفخر. وأكل وجبة صحية تم تحضيرها بالبيت وبكل حب سلوك منتشر ومقبول ويشاد به. وإلى ذلك الوقت أود أن يكون لي دور ولو بمجرد كلمات أكتبها هنا لنشر هذا الوعي.

كثير منكم يسألني بإستمرار عن الوجبات وكيفية تقبل أبنائي لها ومتى أجهزها الخ من الأسئلة الكثيرة. لذا فكرت في كتابة هذا الموضوع ليشمل كل ما له علاقة بتحضير الوجبات المدرسية.
تقبل الأبناء:
من يعرفني بشكل شخصي يعلم كم كان أكل أولادي قليل ومحدود. فهناك من يأكل الخبز مع العسل فقط كل يوم وهناك من تحب وجبة اليوم وترفضها بالغد, وفي الكثير من الأحيان اضطررت لمراجعة الطبيب بسبب ضعف شهية أحدهم ,أو محاولاتي الكثيرة لإبتكار وجبات لعلها تعمل على جذبهم. فشلت كثيرا لكنني سعيدة أن ثمار محاولاتي “والأهم عدم يأسي وتأملي بأنهم سيتغيرون” آتت أكلها أخيرا, فهم أفضل الآن.
المهم أنني أجد هذا الأمر تحديا طيباً ولا أراه شيئا سلبياً لأنهم أطفال ومن الطبيعي جدا أن تتغير شهيتهم كل مرة وأن يحبوا
شيئا اليوم ويكرهونه غدا .هذه ليست نهاية الدنيا بالرغم أنني مررت بمراحل قلق لكن الوضع يتغير مع كثرة المحاولات والأهم الصبر والحرص على تأمل الخير دائما.

كيف يمكنني أن أمتلك الأفكار؟
أنها الخبرة والتجارب يا أخوتي.. فأنا أم للعام ال12 والحمدلله, أنا اليوم أختلف عما كنت عليه قبل عشر سنوات وأتمنى أن أحرز تقدما في المستقبل. لذا لا أود أن يشعر أي فرد منكم أنه عاجز أو غير مبدع أو غيره. المسألة تحتاج للإستمرارية وللإبتكار والكثير الكثير من الدعم من العم جوجل صديقي في السراء والضراء. فالإنترنت مليء بالأفكار الرائعة. وهناك أيضا الموقع المفضل لي بنترست والذي يلهمني كلما فترت همتي وجفت الأفكار من رأسي. وهناك بالطبع الإنستغرام وغيرها من المواقع التي ستجد فيها ما يلهمك.



كيف أبدأ إذا؟
ستنتقل بين أنواع اللانش بوكس (حافظات الوجبة) كثيرا ..مع التجربة فقط ستكتشف ما المناسب ومع تفضيلات ابنك/ابنتك من ناحية اللون والشكل والحجم أيضا فإستشارته ضرورية. ويعتمد أيضا على حجم البوكس وقدرته على الحفاظ على الوجبة في مكانها. خياري الأول في اختيار الوجبات هي أن لا تتعب الطفل وتوسخه عندما يأكلها. لذا الخيار الأفضل هي الوجبات الجافة الصغيرة والتي يمكنه أن يتناولها بيده أيضا وبدون مساعدة. وبالطبع التنوع مطلوب بين الفواكه والخضروات والمكسرات والأطعمة التي تحتوي على البروتين والنشويات وغيرها..


يمكنك أن تذهب مع طفلك للسوبرماركت لتحصل منه على بعض المساعدة في اختيار ما يناسبه للمدرسة. مشاركته قرار وجبته يمنحه ثقة أكبر وحماسا ليأكل مما تحضره له. وإن كان يحب وجبة مقلية أو تحتوي على الكثير من السكر اصنع بديلا لها. فمثلا أولادي يحبون دجاج الناجت كثيرا لذا اطبخها بنفسي بالبيت وبالشواية أو الفرن. وحتى الحلويات والمخبوزات يمكنك اعدادها بنفسك في اجازة نهاية الأسبوع مثلا لتضيفها إلى وجباتهم خلال الأسبوع.
تذكر أن تضع في عين الإعتبار طول فترة مكوث الطفل بالمدرسة وعليك أن تحذر من تلف الطعام من الحرارة وغيرها. ويمكنك كمربي أن تحرص على مشاركة المدرسة في الإجتماعات المدرسية أو حين تقابل مدرس طفلك فكرتك عن وجبة المدرسة وأهميتها في تغذية الطفل وإعطائه الطاقة اللازمة في يومه الدراسي. فبتواصلك معهم أنت تنشر الوعي وربما ساهمت في تغيير عادات غذائية ضارة بالمدرسة.

الملل الملل كيف نقضي على الملل؟
هنا يأتي دورك في محاولة تنويع طعام طفلك المدرسي. فيمكنك اضافة وجبات جديدة على فترات, ويمكنك الطلب من طفلك بأن يشارك في تحضيرها. ويمكنك اضافة رسائل تحفيزية فيها (يمكنكم طباعة ملاحظات تشجيعية من هنا) أو نكتا تسعده أو حتى قصاصة ورق بها قصص طريفة. ويمكنك استخدام قطاعات البسكويت لتشكيل الجزر والخبز مثلا أو إضافة ملاعق ملونة الخ من الأفكار. يمكنك في كل مرة تتسوق أن تشتري شيئا بسيطا يجذبك ويمكنك استخدامه للوجبة وهذا ما أفعله أحيانا. فالسوق متجدد وسيلهمك بما فيه من أغراض جديدة.


لكن وقتي ضيق؟
نعم أدرك ذلك, فأنا بالكاد أجلس طوال اليوم. وقد كنت أعد وجبات المدرسة بوقت الفجر سابقا. لكن ذلك منهك جدا. لذا أصبحت أعد الوجبات في وقت إعداد العشاء بالليل, واضعها بالثلاجة ومن ثم أخرجها بوقت الفجر. وتصبح بدرجة حرارة الغرفة عندما يأكل منها أولادي بوقت الفسحة. احاول قدر الإمكان تجهيز “منيو المدرسة في اجازة آخر الأسبوع ولو كملاحظات لكي لا تستهلك مني وقتا بأيام الأسبوع“. لذا جرب ما يناسبك وطبق ما يريحك.

تجربة تستحق المحاولة:
وجبة المدرسة هي وجبة مهمة , فهي التي يستهلكها الطفل لتمنحه النشاط اللازم ليتعلم ويركز ويلعب مع أقرانه في وقت المدرسة. وندرك جميعا أن اليوم الدراسي طويل ومتعب لذا لا يمكن الإستهانة بأهمية تناول أبناؤنا لوجبة مغذية تقوي عودهم. إن كان طفلك يرفض أخذ وجبة مدرسية فحاول أن تكون أنت قدوته, حضر لنفسك وجبة وأنت ذاهب للعمل. واحرص على تناول افطارا صحيا مغذيا. فكما نعرف أن الأطفال يتعلمون مما نفعل أكثر مما نقول, فمحاضراتك الطويلة له لا تؤثر فيه مثلما تؤثر سلوكياتك. ربما مع اصرارنا على التوعية عن أهمية وجبة الغداء المدرسية الصحية سنتمكن من التأثير على الأغلبية.



