بحثت عن مرادف باللغة العربية لكلمة body shaming ولم أجد بمحرك البحث أو بالمواقع العربية المتخصصة في الترجمة. بحثت عن كلمة أو كلمتين تصفها بشكل دقيق. تصف الخزي أو الشماتة الذي يواجهه الكثير من الناس فيما له علاقة بأجسادهم- تحديداً النساء وهو المقصود بشكل عام بالbody shaming. هل لأن مفهوم التشمت أو التنمر على الناس بسبب أجسادهم غير موجود, بمعنى أننا لم نجد وصفاً له لأننا لم/لا نعتبرها مشكلة. أم أننا نراه موضوعا تافهاً ليس له أي أهمية أو أثر يذكر.
مع موجة تسليع المرأة في كل مكان, بدءاً بإعطائها قيمة “مادية” حسب عمرها و”خصوبتها” وإنتهاءً بمحاولة تحديد استحقاقيتها للحب والإهتمام حسب مستوى جمالها الذي يحدده معايير مجتمعية متغيرة لا يمكن استنتاج إلا شيء واحد منها: أنكِ أقرب للسلعة منك كإنسان. لذا ليس من المستهجن عندما يرى الكثيرون بأن وزنك وطولك ونوعية شعرك وشكل أنفك ولبسك (بما أنك امرأة) قرارات يتدخل في فرضها أو إبداء الرأي حولها كل شخص إلا ربما أنت صاحبة الشأن والمعنية بالأمر.
قبل بضعة أشهر وصلني كتابين كنت قد طلبتهم من أمازون, واحد منهم لإبني والآخر لإبنتي. كنت قد قضيت قبلها بضعة أسابيع وأنا أبحث عن كتب تناسب مرحلتهم الإنتقالية “من الطفولة للمراهقة”. كنت أبحث عن كتب ستساعدني في التحدث معهم عن مرحلة المراهقة بكل ما فيها بطريقة مبسطة جميلة ومناسبة لأعمارهم وفي نفس الوقت قد تحتوي على معلومات علمية موضوعية. وصلني كتاب Celebrate your body للكاتبة الأمريكية سونيا رينيه تايلور والذي طلبته لإبنتي. يمكنكم معرفة المزيد عن الكاتبة من جوجل لكنها وبشكل مختصر كاتبة وشاعرة ومتحدثة ونشطة في مجال حقوق الإنسان. وهنا نأتي للنقطة الأساسية والتي أود التحدث عنها بإستفاضة: ألا وهي ثقة فتياتنا وهوس الأجساد “المثالية” والتنمر المصاحب لهن.
يحوي الكتاب على أمور قد اختلف معها أو ربما لا تناسبني. لكن شددت الكتابة على نقطة مهمة, نقطة كانت تهمني وبشدة وأنا ابحث عن كتاب يناسب ابنتي, ألا وهي ما عنونت به سونيا الكتاب :”احتفلي بجسدك” واضافت بالعنوان أيضاً “احتفلي بتغييرات جسدك أيضا”.
تقول سونيا في مقدمة كتابها: سأشاركك معلومة سرية للغاية. أنتِ تملكين جسداً. وليس أي جسد, بل جسد رائع. لكل فتاة جسد رائع وعليهن جميعا أن يعرفن ذلك. وبما أنك تملكين جسدا رائعا, فستلاحظين أيضا بأنه سيتغير, التغيير جيد, على الرغم من أن التغيير يأتي مع بعض الإرتباك. فكلما كبرنا ستتغير أجسادنا وستتغير مشاعرنا وعلاقاتنا مع من حولنا أيضا.
أحببت مقدمتها هذه, مقدمة تقول بأنك رائعة بغض النظر عن مقاس جسدك أو شكلك. وبغض النظر عن اختلافاتنا فنحن جميعنا رائعون.
تقول سونيا لاحقا: ربما شاهدتي لقطة من فيلم بحيث تقوم الأم بإلقاء تعليق سيء عن جسد ابنتها فتنفجر الفتاة باكية, أليس كذلك؟. تذكري بأن رحلة البلوغ ليست مسلسلا دراميا. كل شخص فينا يمر برحلة البلوغ هذه, لذا انظري للرحلة كفيلم مغامرات بعيدا عن الدراما. لأنه من الممكن أن تكون رحلة بلوغك بالغة المتعة بحيث تتعلمين الكثير وأنت في طريقك لإحتضان مرحلة الشباب لاحقا.
ستتسائلين في هذه الرحلة في بعض الأحيان: هل جسدي جميل مع أنني أطول من بالفصل؟ أم لماذا وزني أكبر من باقي زميلاتي؟ أو لماذا لا يوجد بيني وبين باقي البنات اهتمامات مشتركة؟ أو لماذا تنتابني هذه المشاعر الغريبة أحيانا؟ لكن تذكري بين كل هذا بأنك مميزة, بإختلافك وبجسدك.. فأنت لديك جسد رائع.
نحن نعامل فتياتنا “معاملة درامية”, نبالغ في توقعاتنا ومعاييرنا, نمتلئ بالهوس ليصبحن على الصورة الأكمل. هذه الصورة التي تتغير معاييرها الهشة لكنها تظل مسببة أزمة لفتياتنا في كل مرحلة عمرية وتحرمهن من عيش مرحلة البلوغ بمتعة. وتستمر بأثرها السيء لتصاحبهن لمرحلة الشباب.
تحدثت الكاتبة لاحقا عن كل ما له علاقة بالبلوغ الخ.. وتحدثت عن الهرمونات والتي تساهم في جعل مشاعر بناتنا في هذه المرحلة قوية,, بين الغضب والحزن وبين سرعة التأثر والرغبة في تكوين صداقات الخ. هنا بالذات وفي هذه المرحلة تتعرض فتياتنا لضغط ممن حولهم ومن السوشال ميديا والتلفاز وغيرها ليصبحن على صورة ما. بشعر وجسد وهيئة معينة تضع عليهن ضغطا هائلا. يتم التنمر عليهن “بشكل مباشر أو غير مباشر” ليشعرن “بالخزي” و”العار” من شكل أجسادهن. ليتغيرن, وليس لأجل صحتهن الجسدية والنفسية بل لتلبية معايير تضعهن مرة في خانة السلعة والتي يجب أن تكون بهيئة معينة ليتم تقبلهن.
تقول الكاتبة في النهاية: ابحثن يا فتيات عن شخص بالغ تثقن فيه. هي نصيحة مهمة وعلينا كمربيات أن نأخذها على محمل الجد. وقبل أن ننتظر منهن المجيء إلينا وترك قلوبهن مفتوحة لنا لنعرف هواجسهن وقلقهن. لنتذكر بأن نبدأ بالبحث عن مسمى للbody shaming , لنفهم ما هو التنمر على النساء بسبب أجسادهن , ولنفهم ما هو التشمت على أجساد النساء الذي يمارس لكي يشعرهن بالعار والألم. لأننا عندما نقوم بتسمية الأمور فنحن نعترف بوجودها, وبعدها علينا أن نقوم بتوعية أنفسنا بحجم مساوئ هذه التصرفات, وعلينا أن نحرص على حماية بناتنا من الشعور بالعار بسبب أجسادهن لأنهن لسن رشيقات كفاية, أو لسن جميلات كفاية. فكما تقول سونيا: أنت رائعة..أنت ذكية ومميزة ولا أحد مثلك..
عندما نحاصر فتياتنا بمسمى الجمال فقط فنحن نبدأ بزرع هاجس المثالية والذي يفقدهن الثقة ويساهم في دعم التنمر المستمر عليهن من كل مكان. فما معايير الجمال إلا تسليع آخر يضاف لأجل زرع المزيد من مشاكل الصحة النفسية في أبنائنا.
ما رأيكم بموضوع التنمر والتشمت على النساء بسبب أشكالهن؟
👌🏿
إعجابLiked by 1 person