أبنائي وبناتي · التربية الإيجابية · الطفولة

أنا قلق: دليل مبسط للأبناء لمواجهة القلق

تقول الدكتورة دون هوبنر “طبيبة نفسية ومؤلفة الكتاب الرائع والموجه للأبناء? What to do when you worry too much” في كتابها هذا: هل تعلم بأن القلق والمخاوف التي تصاحبه مثل الطماطم؟ لا بالطبع لا اقصد بأنه يمكنك تناولها. لكن يمكنك جعلها تنمو, وذلك بالإهتمام بها. يقوم الكثير من الأبناء برعاية قلقهم مع أنهم لا يقصدون ذلك. وما الذي سيحدث لاحقاً؟ يصبح ذلك القلق كومة كبيرة من المشاكل والتي لا تعلم كيف يمكنك التخلص منها.

عندما ينمو القلق ويكبر فإنه يؤثر على يومك, وعلى ما تفعله من أنشطة. وقد يؤثر على مزاجك. وعلى علاقتك بأهلك وأصحابك. القلق هو تلك الأفكار التي تجعلك تشعر بالسوء في أعماقك, ولا تشعر في وجودها بالراحة بل يظل دماغك يدور في دوامة الأفكار التي قد تكون متعبة أو مزعجة.
قد يصاحبك هذا القلق في مواقف مختلفة. ربما في الوقت الذي تنهض فيه صباحا وتحضر نفسك للمدرسة, أو ربما عندما تخشى بأن ينسى أحد والديك موعدا مهما لك. قد تشعر به عندما ترى والدك متجهما غاضبا, وقد ينتابك عندما تعلن معلمتك بأن نتائج الإختبار قد ظهرت. أو عندما تمرض وتضطر لرؤية الطبيب, أو حتى عند وجودك في غرفة مظلمة. عندها قد تشعر بأنك لست بخير, أو بأن عقلك يدور في دوامة من الأفكار التي لا تبدو جميلة. أو قد لا تشعر برغبة عمل أي شيء.

قد لا تبدو هذه المخاوف منطقية لغيرك من الناس إن حكيتها لهم. لكنها منطقية جداً لك. وقد تشعر بأن محاولة الغير طمأنتك لا تساعدك دائما. أو محاولتهم الإستهانة بقلقك أو طلبهم منك “بأن لا تقلق” قد يزيد منه. وأتفهم بأنه ليس من السهل تخطي هذه المخاوف دائماً. قد تكبر وتضحك من بعض مخاوفك القديمة عندما كنت طفلا صغيراً. لكن يظل بعضها مصاحب لك, أو قد تأتيك مخاوف أخرى تزيد من قلقك.

قد يبدأ قلقك عندما تسمع أو تشاهد شيئاً مخيفاً, أو قد تظهر بسبب تجربة مررت بها وكانت مزعجة أو مخيفة أو مقلقة. كلنا نمر بمواقف مؤلمة أو مخيفة أو مقلقة. قد تزعجنا لفترة بسيطة أو قد تستمر في إزعاجنا. قد يزداد قلقنا عندما نكون محاطون بأشخاص قلقون أيضاً. تذكر بأنه مهما قال لك أي فرد بأن مخاوفك تافهة أو أنها مجرد تخيلات فذلك ليس صحيحا. لأنك قد تنتابك رغبة البكاء بسببها أو قد تشعر بألم في رأسك أو بطنك بسببها. وقد تتعرق بسببها أو تشعر بالغثيان أو الرغبة في الذهاب لدورة المياه. وبالتأكيد تتمنى لو أنك لم تكن تقلق , فلا أحد يحب شعور القلق ذلك. وربما تشعر بالوحدة وأنت تعاني من ذلك القلق لأن لا يبدو بأن هناك من يشعر بك أو يصدق قلقك.

إذا لنأتي إلى الجزء المهم الآن, ألا وهو كيف نساعد أنفسنا على تجاوز هذا القلق؟
سأحدثكم قليلا عن كلمة مفضلة لدي.. ألا وهي كلمة الوعي. الوعي قد يعني كونك مستيقظا بعد النوم. أو استيقاظ أحدهم بعدما أغمي عليه. لكنني أقصد هنا معنىً آخر, أقصد بالوعي هنا هو كوننا يقظين بما يدور بعقلنا ومتفهمين لذلك عن طريق قدرتنا على وصف ما نمر به بالكلمات. ومن ثم فهمنا لأسباب وصولنا لهذه المرحلة من القلق. الوعي هنا أن نستخدم عقلنا لنحلل القلق الذي نمر به بالحديث عنه. قد نتحدث عنه مع شخص مقرب, أو ربما نتحدث عن قلقنا لأنفسنا. أو قد نكتبه بدفتر خاص, أو يمكننا وضع القلق على هيئة رسمة نرسمها. ومن ثم نبحث عن حلول واقعية له. وأقصد بالواقعية هو حلول يمكننا تطبيقها.

لنأتي ببعض الأمثلة: ربما تخاف من الظلام فتشعر بالقلق من أن تنطفئ الكهرباء. اكتب مخاوفك أو فكر بها بصوت عالٍ. قد تكتب جملة: أنا أخاف من الظلام. ومن ثم تضيف بعض الواقعية مثل: لكن لم ينطفئ الكهرباء ولم يخبرني أحدهم بأنه سينطفئ. وفكر بحلول مثل: سأكون قريبا من أمي وأخوتي إذا انطفأت. أو سأتأكد أنني أجلس قريبا من الشمعة إذا انطفأت. أو سأفكر في شيء جميل حدث سابقا إذا انطفأت.

وقد تكون خائفا جدا من الإختبارات. اكتب مخاوفك في ورقة. ومن ثم فكر في أسبابك كلها. ربما تخاف منها لأنك لم تحضر جيدا لها, أو حضرت لكنك لست واثقاً بأنك تعرف كيف تغطي كل النقاط المهمة, أو ربما تجد بأن شرح المعلم ليس كافياً. الآن يمكنك البحث عن حلول لما يقلقك هنا. قد تطلب من والدك بأن يساعدك في فهم الدرس. ففي كثير من الأحيان من الضروري بأن نتحدث عن مخاوفنا فقد لا يشعر بنا الغير إن لم نذكرها صراحة لهم.

تخيل بأن كل مخاوفك موجودة في صندوق ما في عقلك. يمكنك الآن أن تفتح هذا الصندوق وتخرج ما فيه وتضعه في دفتر خاص بك. اكتبها كلها وإن أخذت منك العشرات من الصفحات. وقد تفضل رسمها, لا يهم كيف تضعها في دفترك, المهم بأن تخرجها من الصندوق إلى دفترك الخاص لتمارس “الوعي” وتتمكن من مشاهدتها بعينيك والبحث عن حلول لها. قد تشعر بتحسن بمجرد كتابتها, وقد تحتاج لأن تبحث عن حلول لها وقد تبحث عن ما يساعدك على تجاوزها , وقد تفضفض بها عند شخص تثق به.

تذكر أنه من الطبيعي بأن تمر بهذه المخاوف والتي تقلقك, ومن الطبيعي بأن تطلب المساعدة. فلكل فرد منا الحق في أن يشعر بالسعادة والراحة.

IMG_5896كيف تواجه قلقك؟

الإعلان

رأيان حول “أنا قلق: دليل مبسط للأبناء لمواجهة القلق

  1. ممتاز بارك الله فيك، وعن تجربتي الشخصية فادني إن تتقبل القلق واقول لنفسي لا بأس ولا أقاوم هده المشاعر السلبية حتي تمر بسلام تقبل الدات

    Liked by 1 person

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s