الوقت معضلة لا تنتهي بالنسبة لنا نحن المربين, فحتى لو كنت سابقا وقبل زواجك من أفضل الناس في تنظيم الوقت والإنتاجية فيما له علاقه به, قد يتغير ذلك تماما بعد إنجابك لطفلك الأول, ويصبح الأمر أكثر صعوبة كلما كبرت عائلتك وازدادت مسؤولياتك.
قبل زواجك وانجابك تملكين كل الوقت لذاتك ولا تقتسمينه مع أحد, ويختلف ذلك كليا بعدها, وتعانين من معضلة التوفيق بين احتياجاتك والتي تشمل صحتك وراحتك وعملك وهواياتك وغيرها وبين احتياجات عائلتك الصغيرة وإلتزاماتك الأخرى..
هذه التدوينة لا تعطيك حلولا سريعة كالتي نجدها بالدورات التي لها علاقة بإدارة الوقت, وإنما هي محصلة تجربتي الشخصية والتي تتخللها الكثير من التجارب الناجحة منها وغير الناجحة. وكما أقول دائما: ما زلت اتعلم وهناك متسع من المجال للتطوير والتغيير.
ومن المهم أن أذكر لمن لا يعرفني بأنني أم لثلاثة أبناء, وعملت بدوام كامل لمعظم سنوات زواجي وأمومتي, وخلالها درست الماجستير وأنهيتها وحاليا في سنتي الأولى من دراسة مرحلة الدكتوراه وبعيدا عن أهلي. بالإضافة إلى أنني أدون عن التربية مثلما ترون, واتحدث عنها بقدر ما استطيع وأحب.. أجد أنه من المهم ذكر كل ذلك لعل أحدكن تجد في ذلك حافزا لها أو على الأقل لا تشعر بأنها وحيدة في تجربتها ومعاناتها, إن أمكننا اعتبار ما نمر به يتخلله بعض “أو كثير” من المعاناة.. أسمح لنفسي بإستخدام هذه الكلمة لأنني لا أحب تجميل الواقع وإنما أفضل أن اكتب ما هو حقيقي بقدر الإمكان.
وعلي أن اضيف أيضا بأن مشاركتي لما نفع معي وما زال ينفع لا يعني بأنني تخلصت من تلك اللحظات التي تبدو فيها ساعات اليوم أقل مما احتاج, ولا تظنوا بأنني لا اشعر بالإحباط في أحيان كثيرة, ولنكن صريحين هناك دائما منطقة رمادية في حياتنا, ولن تكون في لحظة ما مقسمة إلى واقعين: مثالي وسيء..أو أبيض وأسود..
إذاً ما الذي ساعدني في تنظيم وقتي ؟
- حمامٌ دافئ وسرير مرتب, قد تبدو هذه الفكرة سخيفة لكن لا يمكنني الإستغناء عن حمامي الدافئ في أول لحظة أنهض فيها ولا عن ترتيب سريري.. هي تفاصيل بسيطة لكنها بداية جيدة ليوم طويل
- كأم هناك أمرين لا يمكن التحكم بهما دائما: ساعات النوم والأكل. قد تظنين بأن ليلتك ستكون هادئة وتحصلين على ثمان ساعات من النوم لكن يمرض طفلك فجأة, وقد يذكرك جوعك في زحام يومك بأن تأكلي طعامك الذي برد ونسيتي أمره. لكنني أحاول وبقدر الإمكان بأن احرص على نوم كافٍ وأكل دافئ مغذ ما استطعت إليهما سبيلا
- صحتك تاج راسك, ننسى “أو نتناسى” نحن الأمهات صحتنا في دوامة الحياة المزدحمة, فيصبح للجميع أولوية قبل أنفسنا. لكن إن لم نهتم بصحتنا ونتابع كل ما يطرأ علينا بإهتمام فلن نتمكن من امتلاك الطاقة الكافية لأي شيء آخر. وهنا لا أنسى ذكر التمارين اليومية البسيطة,مثلا تمارين الإسترخاء مفيدة, من الصعب تنظيم وقتك وأنت متعبة وجسدك يعاني.
- انفصلي تماما عن وهم المثالية, في يوم من الأيام كنت أظن أن على كل شيء حولي أن يبدو مثاليا, لذا لم أكن أنجز أي شيء وإن أنجزت فهو على حساب نفسي أو عائلتي, اتعب في قضاء وقت طويل على كل شيء فلا أنتهي. لا بأس أنت شخص واحد ولست روبوتا, بعض الفوضى جزء من إنسانيتك ومن الطبيعي أن تسود حياتك هذه اللخبطة
- فوضي بعض الأعمال لغيرك, بمعنى لا تعيشي دور السوبر ماما التي تقوم بكل شيء بنفسها, وزعي المهام, اطلبي المساعدة, ادفعي لها إن كنتِ تستطيعين, اطلبي طعاما من المطعم, شجعي أبناؤك على الإعتماد على ذاتهم ,لا تترددي في طلب المساعدة والعون ولا تظني أن كونك أم يعني أن تحملي كل شيء فوق أكتافك ومن يشعرك بأنك مقصرة قولي له “في سرك طبعا= بالطقاق”
- تعلمي القدرة على إنجاز أكثر من مهام بوقت واحد “كوني متعددة المهام”, بالذات المهام التي لا تستدعي منك تركيزا كاملا
- لا تؤجلي أي عمل وإن كان كل شيء آخر يغريك بذلك, لا تؤجلي ترتيب دولابك وإن بدا مسلسل نتلفكس أكثر إغراءا, بالذات المهام القصيرة, انجزيها بسرعة واعطي نفسك تربيتة على كتفك لأنك تستحقين ذلك
- لا تؤجلي أي أحلام وأهداف تتمنين إنجازها, ياما سمعت من الكثير من البنات بأن لهن الكثير من الأهداف والأحلام لكن هناك دائما عذر لعدم تحقيقها, قد تكون أسبابا قوية تستحق لها الأهداف التأجيل, لكن لا أجد عذرا مثل لا أملك الوقت كافٍ للتخلي عن أحلامك المؤجلة, صدقوني كلنا نملك العشرات من الأعذار إن أردنا..
- أكتب كل شيء, أنا من الأشخاص الذي لا يستغنى عن دفتر التخطيط الخاص بي (الروزنامة/الأجندة) , به أكتب أهدافي الشهرية والتي أقسمها لأهداف مركزة “تنجز لمرة واحدة” وأهداف مقسمة حسب الروتين. ومن ثم أكتب بشكل يومي ما الذي أنوي فعله باليوم التالي أو حتى الأسبوع القادم. هي مجرد نقاط وشخبطات سريعة تتعودين عليها لاحقا وتصبح جزءا من روتينك اليومي. وبذلك تضمنين تحقق أكبر قدر ممكن مما تخططين , لكن كل فرد يختلف فهناك من يفضلون استخدام الأجهزة الحديثة وهناك من لا يحب كتابة خططه أبدا
- صادقي أفرادا ايجابيين أو تابعيهم على الأقل بمختلف المواقع الإجتماعية, لكن لا أعني بذلك الأفراد المثاليين الذين يشعرونك بالإحباط لأن حياتهم أقرب للخيال منها للواقعية. وحاولي قدر الإمكان تجنب المحبطين, فالحياة قصيرة “ولا يسوى عليك تضيعين وقتك معهم- مرة أخرى قولي لهم بالطقاق -في سرك طبعا”
- وهنا نأتي لأمر مهم, الملهيات, وبالذات التلفون الملهي الأكبر, شخصيا استخدم تطبيقات تساعدني على ترك التلفون لفترات حتى لا يلهيني, مثلا تطبيق forest الذي تحددين فيه مدة عملك “لنقل 60 دقيقة” وبعدما تجمعين 2500 دقيقة يزرعون لك شجرة حقيقية وتعودين بعدها لنقطة الصفر وهكذا, في اللحظة التي تمسكين فيها هاتفك تموت الشجرة, وهناك تطبيق focus keeper والذي يطبق تقنية بومودورو والتي تركز فيها على نشاط ما لمدة 25 دقيقة ومن ثم تأخذين فترة راحة قصيرة وتكملين وهكذا. جربي مختلف التطبيقات والوسائل لتعرفي ما الذي يناسبك شخصيا.
- هل أنت كائنة صباحية تشرقين مع الشمس؟ أم تمتلئين طاقة مع نور القمر؟ اختاري ما يناسبك فربما أنت من الأفراد اللذين يستطيعون انجاز الأعمال الدسمة صباحا مثلي وينخمد بريقهم مساءً, أو يمكن العكس, قومي بما يناسبك, بالنسبة لي أفضل انجاز الأعمال الثقيلة والتي تستدعي الكثير من الطاقة العقلية والجسدية صباحا .
- تنقلي بين الأنشطة. من السهل أن تمري بما يشبه الغلقة بعقلك أو الملل إذا مارستي نشاطا واحدا فقط أو عملتي على مقال واحد فقط لساعات. التنقل بين الأنشطة والأعمال “مثلا عملين باليوم” سيجعلك أكثر قدرة على اتمام أعمالك
- الروتين قاتل, بالنسبة لي على الأقل, لذا مارسي بعض الأنشطة غير الروتينية بقدر الإمكان ولو كانت عبارة عن طلاء أظافرك في نص الأسبوع أو زيارة صديقة أو طلب وجبة غريبة
- ارفضي بأدب, ربما ولكوني شخصا إنطوائيا فأكثر ما يتعب معنوياتي الإلتزامات العائلية الكثيرة. وبالرغم أنها في جلها مبهجة لكنها قد تصبح عائقا إذا تكررت كثيرا..لذا ضعي لها وقتا أو أياما معينة “بقدر الإمكان” لتتمكني من تنظيم وقتك بشكل أفضل
- كافئي نفسك على إنجازاتك “بالطبع بعد أن تضعي هدفا وتحققينه ولو كان بسيطا”, قد يكون برحلة أو علبة حلويات أو ثيابا جديدة..اعملي على هدفك بجد وأنت متحمسة للمكافأة التي تستحقينها لاحقا. وفي الأخير الإنجازات اليومية البسيطة هي مكافأة بحد ذاتها.
- عندما تشعرين بالتعب وربما الحزن أو قلة الحماسة خذي راحتك ولا تضغطي على نفسك, هذه طريقة جسدك في إخبارك بأنك تحتاجين بعض الراحة..استرخي ولا تشعري بتأنيب الضمير
- لا أنام إلا والبيت منظم “قدر الإمكان”..لا أحب أن أنهض صباحا وحوض المطبخ مليء بالصحون القذرة أو رؤية الألعاب والثياب والكتب مرمية كل مكان. لكل عمل يومه ولا ينتقل لليوم الثاني إلا إذا مررت بظروف واضطررت لتركها مثلما هي.
- لكل غرفة غرضها. فلا أدرس للجامعة في غرفة نومي أو غرف الأبناء ولا نأكل بها مثلا . بذلك أتمكن من تعويد الجميع على ذلك فيصبح البيت أكثر نظاما وترتيبا وتجدين أنك مرتاحة أكثر بتحديد الغرف التي تبذلين فيها مجهودا عقليا والغرف التي تستطيعين الإسترخاء بها..
- لا أراكم الأعمال, قليل دائم هو ما افعله دائما, أغسل الثياب مثلا كل يومين وأكويهم ما داموا بكميات قليلة, تراكم العمل عليك يجعلك تكرهين القيام بها فتستمرين بتأجيلها وتتضخم عليك وهكذا..
- كل قطعة ثياب أو حذاء أو اكسسوار أو حتى الألعاب التي لا يتم استخدامها خلال ست شهور إلى سنة لا تبقى بالبيت..تكويم الأشياء والاحتفاظ بها يصعب عليك حياتك أكثر
- كل مرحلة مختلفة عن التي قبلها,, سابقا كانت إهتماماتي مختلفة وبالتالي كنت أقضي وقتي بشكل مختلف..وتذكروا بأن كل مرحلة من مراحل عمر أبنائكم مختلف أيضا, وبعض المراحل مؤقتة “مثلا عندما يكون طفلك رضيعا” وسيبدو عندها أن وقتك يمضي وأنت لم تنجزي الكثير, لا تقلقي , هذا هو المتوقع عندها..اعطي نفسك بعض الوقت وتتغير ظروفك.
كل هذه الأفكار قد تناسب الجميع, لكن لأن سؤال “كيف تنظمين وقتك يا ابتسام؟ وصلني من نساء, فالخطاب موجه لكن..يمكنني إضافة المزيد لاحقا إذا تذكرت شيئا..
يومكم سعيد..
بارك الله فيك
إعجابLiked by 1 person
جميل
إعجابإعجاب
شكرا لك
إعجابإعجاب
جميل جدًا ابتسام.. الله يخليك لابنائك ويحفظك لهم ويسخرهم لك ❤️
إعجابإعجاب
شكرا وجزاك الله خيرا ، الله يخليلك أحبابك ♥️
إعجابإعجاب