“كنت أشعر أن أهلي سيتخلون عني في أي لحظة”…جملة قرأتها منذ فترة ولا اذكر أين عن طفل يصف المشاعر التي صاحبته في طفولته المبكرة وبين والديه وأخوته. والسبب؟ غضب والده عليه أحيانا عندما يتشاجر مع أخوته وهم بمشاوير السيارة وتهديده أنه سينزله من السيارة ويبتعد عنه..وآخر يقول أنه لم يشعر يوماً أنه فرد من العائلة لأن مزحة أهله المفضلة كانت “لم تلدك ماما بل وجدناك تحت شجرة”. فربما سيأتي اليوم الذي يعيدونه تحت تلك الشجرة.
كم منا يستطيع وصف كم المشاعر السلبية التي تأتيه عندما يمر بموقف يشعر فيه أنه مهدد بالخذلان أو التخلي أو الإقصاء والإبعاد.. وعندما يشعر أنه شخص “غير محبوب” وربما “مكروه” أو “لا ينتمي”. عندما يشعر أنه مهدد في أهم شيء يقدر إنسانيته وهو الإحساس بالأمان..
يكبر الفرد ويتخطى مرحلة الطفولة وقد يتعلم أن يوفر لنفسه بيئة تشعره بالأمان,, يتعلم من الإستقلالية والخبرات الحياتية وقد يصل لمرحلة يفهم أن الأمان نابع من دواخله.ذلك ممكن فقط عندما تصبح بالغا..لأنك تمكنت من أن تستقل..
الآن لنضع أنفسنا في حذاء ذلك الطفل,, الطفل الذي يعتمد علينا كلياً في الرعاية والتربية والسكن وكل شيء من الألف للياء.. طفل يدرك أنك صاحب سلطة عليه,, يمكنك أن تفعل به ما تشاء لأنك أقوى,, وهو شخص ضعيف هش تحت رحمتك. إن انفصلنا عنه عاطفياً وصارت علاقتنا به علاقة أمر ونهي فقط وجلد وغضب سيفتقد الأمان..لأنه يفهم منك أنه ينال الأمان مقابل تنفيذ أوامرك اللا نهائية,, إن غضبت عليه في لحظة فقد سحبت من تحته بساط الأمان بسيل الغضب الذي تنهال به عليه..يفهم أن أمانه مقابل طاعته العمياء لك,, هو طفل يستكشف ويتعلم فما أدراه بمعنى القوانين التي تضعها بشكل دائم,, وتجهمك الدائم,,, ومعاقبته كل مرة,, وتهديده بالحرمان ,, وتجاهله,,, التجاهل القاتل الذي يقول له: أنت ولا شيء..أنا لا أراك..
من المهم أن نفصل بين تهذيبنا له وشعوره بالأمان.. أن نفصل بين حبنا له وبين سلوكياته,, وأن نمحي من لغتنا تماما تهديده بأهم شيء يشعره أنه فرد من العائلة,, وهو شعوره بالأمان في هذه العائلة. لا تستخدم الحب لتهذيب سلوكه فتتلاعب بكلمات مثل “أحبك عندما…,, ولا أحبك لأنك ..” عند كل موضوع ونقاش.. ولا تستخدم تهديدات تشعره أنك ستتخلى عنه في أي لحظة..
وأخيراً ليس من العيب أن تذكره دائما أنك تحبه بدون أي قيد أو شرط.. وأنك تحبه بكل ما فيه.. وأنك ستدعمه دائماً وستكون معه دائماً..وأنك ستحميه بقدر ما تستطيع…فإن تصرفاتنا أحياناً لا تظهر ذلك أو لا يفهمها الطفل.. فلا بأس ببعض الحوارات التي تخاطب بها نفسه لتطيب…بدلاً من أن ينام وهو مرعوب بأنه سينهض يوما وقد تخلى عنه أقرب الناس.
ابتسام
مقال جيد.. يبين لنا نفسية الاطفال.. ومفهومنا الخاطئ للاوامر والنواهي والحب المشروط.. جزاج الله خير
إعجابإعجاب
شكرًا سلمى على مرورك وتعقيبك
إعجابإعجاب
فكرة مهمة بأسلوب واضح، سلمتِ.
إعجابLiked by 1 person
شكرًا منيرة ..وشكراً على مرورك
إعجابإعجاب
حزنت بعض الشي على أطفالي ولكن الاعتراف بالخطأ اول الطريق للنجاح شكرًا لك
إعجابLiked by 1 person
بالضبط ..ولا يهمك
إعجابإعجاب